الجمعة، ديسمبر 22، 2017

الأربعاء، أغسطس 30، 2017

إليكَ..

أدركتُ بعد أن أغلقت سماعة الهاتف أن سؤالي لك كان غبيا حين قاطعتك : وكيف يصلكم خبر الإفراج عن أحدهم ...
كان علي أن أعرف دون أن تتكلم.. أو أتوقع على الأقل أن نبأً مثل هذا لابد أن تهتز له أرجاء المكان وتضج به الزنازين والممرات تصفيقا وصراخا، لتنتقل الفرحة بسرعة الضوء عبر كل الجدران و الأبواب.
و كان من البديهية أن أدرك أنها اللحظة الوحيدة التي توحدكم على جميع اختلافاتكم و خلافاتكم..
إنها الفرحة الجنونية التي لايستطيع أحدكم أن يستفرد بها مع أصدقائه دون الغرباء ولا يستطيع أن يجمح نفسه عن تقاسمها مع كل من يراه حتى مع سجانٍ يبغضه.
إنها اللحظة الحلم التي يشعر فيها أنه نُصّب ملكا على الدنيا بما فيها..
أو أنه كان في عالمٍ خارج نطاق الزمان قد طال به المكوث فيه فأذّن مؤذن أن آن له أن يبعث من جديد. إنها نشوة العودة للحياة تزهر في صدره وعلى تقاسيم وجهه كأمّ أعيد لها طفلها بعد أن يئست من عودته.
الآن أستطيع أن أشعر أكثر ..كم تحترقون أضعاف مانظن في انتظار تلك البشرى.

الأربعاء، أغسطس 09، 2017

ظمأى يا أخي ظمأى

ظَمْأى إلى فرحٍ يبلل مهجتي
و يعيد لي روحي بعيد مماتي

ظمأى إلى صوتٍ يلون بسمتي
يستل من صدري صدى غصاتي

ظمأى إلى شملٍ تفرق يا أخي
و تعثرت من بعده خطواتي

ظمأى إلى نصرٍ يجلجل أمتي
يشفي صدور الغائظين عداتي

لو أن لي بكِ يا جراحي قوة
أو أنني آوي إلى ركعاتي

الخميس، أغسطس 03، 2017

غض بصرك كي لا تجرحهم

"هم لا يدرون كم يؤذيني وكم يجرحني في الأعماق حين التفت فأجد أحدهم يحدق بي ويضع يده على فمه قد أصبحت أشعر دون أنظر إلى من يغطي فمه عند رؤيتي ولو من بعيد
إنه لشعور قاس جدا أن تكون نظرات الناس تذكرك بعيب فيك أو مرض أنهكك حين تخرج من بيتك أملا في تناسيه ...
أكرههم أكره كل من لايسيطر على نفسه و يجرحني " قالتها وانهارت باكية أمام طبييبها.


علمني مجالي أن لا أطيل النظر بشخص يعاني من أي إعاقة أو مشكلة واضحة وإن كان غير واعٍ عقليا لإن ذلك إن لم يؤذِه فسيؤذي حتما مشاعر أهله.
اعتدتُ أن أصادف من الاعاقات الشاذة والتشوهات المعقدة  الظاهرة للعيان فأكتفي بنظرة واحدة ولا أبدي للمريض ولا لمن معه أنني لاحظت شيئا وإن كان ملاحَظا جدا، لإنني أظن انها الطريقة الوحيدة لاخبار ذلك المريض بأنه كبقية الناس العاديين الذي يروحون ويجيئون دون أن ينتبهوا  لبعضهم ودون أن يدققوا بملامح بعضهم لأنهم جميعا يتشابهون بالنهاية،  إن شخصا يعاني من عيب ظاهر في جسده ليبحث في أعين الناس عن من يقوله له ذلك بنظرة عابرة غير مكررة،
عن وجه لايستغرب من منظره ولا يشفق عليه ولايزدريه ولا يجعل منه مشهدا شديد الغرابة لايستطيع تحويل نظره عنه، إنه ليقلب في الوجوه بحثا عن من يقول له أنت  ككل هؤلاء الناس الغرباء عن بعضهم الغير مختلفين كثيرا فكلهم لهم عيوبهم ومشاكلهم و أمراضهم الظاهرة والباطنة و كلهم بشر عاديون .. أنت منهم ولا تقل عنهم بل ربما أنت أجمل وأطهر باطنا منهم.

الثلاثاء، أغسطس 01، 2017

الاستجمار .. صدمة معرفية (فقهية)



قبل أسبوعين تقريبا سجلت في دورتين فقهيتين( مضاف إليه له مجرور بالياء لانه مثنى ... ) عبر التلجرام إلى الآن الأمور على مايرام إلا أنني مررت بأكبر صدمة معلوماتية إن جاز التعبير لي في مجال الفقه وهي الاستجمار!!


أن أبلغ 30  سنة في الاسلام عسى الله أن يثبتنا على صراطه المستقيم ويتوفنا مسلمين وأنا لم أسمع به وأظن أنه لايرفع الحدث و أن لا وجود له في شريعتنا فهذا دليل جلي على جهلي العظيم عفا الله عني.
كنا نهزء بالنصارى الذين يدخلون دورات المياه ولايستخدمون الماء بعد قضاء الحاجة و يستعيضون عنها بالمناديل ونظن أنه لايُجزء في رفع الحدث وهو يجزء بل هو طهارة صحيحة مقررة في شريعتنا بشرط الانقاء الكامل.
فعلا إن العلم بحر لاحدود له، فسبحان من أحاط بكل شيء علما.

الأربعاء، يوليو 26، 2017

على شفير الحياة

أنا الآن آخذ مكاني في حيز من منصة مترامية الأطراف رمادية اللون على أرضية زرقاء.. أمامي جهاز الكمبيوتر هذا الذي اخترت أدون منه اللحظة لا من هاتف سمية الذي أحمله هذه الأيام.
أ تعلمون ما الذي يحيط بهذا المربع الضخم الذي يتوارى خلفه كل من يجلس داخله.  إنه محاط بأرواح تصارع الموت على شفير من الحياة. أرواح معلقة بينهما تستجدي أحدهما إما موت أو حياة فلا أقسى من البقاء بين هذين دون الاستقرار إلى أحدهما .

إنه المكان الذي غالبا ما تخالط فيه ابتهالات العابرين و الواقفين أمام الغرف طنين أجهز التنفس والانعاش وأجهز أخرى كثيرة يتألم أحباب الراقدين بمراقبتها وهي تحاصر عزيزا عليهم لا يدرون على أي حال ستتركه أو يتركها.

إذا نظرتُ إلى أقصى اليمين اصطدمت عيناي بغرفة لصبية جميلة ابنة ال 15 عام أبهرني جمالها حين رأيت صورتها في ملفها الطبي, لكن ذلك الجمال الآن لا روح فيه فهي ميتة دماغيا إثر حادث أليم كسرت فيه مقدمة جمجمتها قبل شهر ودخلت من حينها في غيبوبة الموت السريري ..
أمام غرفتها تماما شاب يروح ويجيئ منذ أكثر من نصف ساعة يخيم على  وجهه حزن عظيم لا تكاد تخطئه عين.. إنه ابن لرجل ستيني  يرقد في الغرفة المجاورة للصبية.. مصاب بسرطان الدم  قبل خمس أيام فقط دخل إلى الطوارئ مشيا على قديمه لكنه أصيب البارحة بنزف دماغ مفاجئ أدخله في غيبوبة ولايزال وضعه حرجا ، كانت ابنته هذه الصباح تبكي بكاء يفطر الأكباد، لايزال صوت بكائها يتردد في أذني حتى الآن.

لفتت انتباهي وأثرت فيّ حالة في إحدى زوايا هذه المكان الكئيب لفتاة ثلاثينية ولدت بفيروس المناعة المكتسبة لأم مصابة به, ثم تعاقبت عليها الأمراض خلال أيام شبابها منها المعدية , ومنها سرطان الجهاز اللمفاوي والكبد الوبائي البائي وأغربهم وأكثرهم قسوة المرض الذي يحكي كم تألمت هذه الفتاة نفسيا . conversion disease
إنه مرض عصبي عقلي يصاب به المريض بعد تعرضه لصدمة نفسية او جسدية كبيرة تجعله يتوهم فقدان حاسية أو قدرة من قدراته الجسدية كالبصر أو المشي. ليسا مرضا عضويا أي لاوجد أي تشخيص فعلي وملموس لما يشعر به المريض.

أتتني الأىن قريبة للمريض بالغرفة التي عن يساري تطلب ورقة وقلما ليكتب لهم مريضهم ما يريد قوله... تفاجأت و فرحت, لم أكن أعلم أن له القدرة على ذلك كونه في مرحلة متأخرة من السرطان حيث انتشر الورم في رقيبته و رأسه و رئتيه. هو رجل في بداية الأربعين كان مدمنا للكحول والتدخين عسى الله أن يكون قد تاب عليه وطهره.
حان موعد الذهاب.

الاربعاء 26 يوليو 2017
الساعة الرابعة مساء
العناية المركزة

الاثنين، يوليو 24، 2017

قتلوها .. سامحهم الله

ريما ابنة الثلاثة عشرة قبل خمسة أشهر فقط كانت ريما تجري وتضحك وتلعب مع صديقتها في المدرسة ، لكنها دخلت علينا العيادة هذا الصباح على سريرها المتحرك جامدةً دون حراك ، تحيطها أجهزتها المتنقلة للتنفس وللغذاء كي تبقى ريما بتلك الأجهزة ميتة على قيد الحياة، 
ريما الفتاة السمرا الجميلة البريئة تنام للأبد بسبب الجهل و ليس أبشع من الجهل قاتلا.
بدأت قصة ريما بالتهاب في الأذن وحمى تطورت لألم في الرقبة وتغير في مستوى الوعي والإدراك العقلي، الأطباء أشاروا بتنويم ريما لشكهم الكبير باصابتها بالتهاب السحايا، لكن الأهل رفضوا بشدة و اختاروا الذهاب للمطوع ليقينهم بأنها مصابة بمس شياطني. تدهورت الحالة بمرور الوقت أكثر لتصل إلى غيبوبة و  فتق دماغي.
من لالتهاب أذن وحمى إلى التهاب السحايا والغيبوبة والموت الدماغي.
 الاثنين الحافل 24 يوليو 2017