الاثنين، نوفمبر 26، 2012

أهو يخفي مرضه أم مرضه يخفيه!؟

بينما أنا أمشي في ممر العيادة في إحدى الصباحات الشتوية استوقفني صوت عال يخرج من إحدى غرف الفحص ..لفت انتباهي أكثر كونه غريب في أسلوبه وترديده للكلام وكونه يتحدث بالفصحى : اللغة العربية هي الأصل والإنجليزية هي الفرع .. الطبيب لايفهم العربية .. عنيد هو لن يشفى مما هو فيه. لن يشفى ..الدواء لن يفيده لا يفيده.
دون شعور وجدت نفسي واقفة أمام باب الغرفة المفتوح ليذهلني المنظر...إبراهيم يسند ظهره للكرسي المواجه للطبيب بجابب والده، مغمضا عينيه ويتكلم بتلك الطريقة الغريبة وبصيغة الغائب.
 تسمرت في مكاني مذهولة.. شعرت ببعض الخوف الذي أخفيته حينها وبدا لي أنه ليس إبراهيم الذي أعرف.. حثني شعوري ذلك على الخروج بسرعة تعلو رأسي مئات علامات الاستفهام ويكمل هو " كيف لايعرف الطبيب اللغة العربية كيف يقرأ القرآن!

إبراهيم شاب مصاب بالصرع وبطء الاستيعاب الشديد. هو إحدى حالات الصرع المعقدة التي تعالج في العيادة من فترة طويلة.  أعرف إبراهيم  منذ عام مريضا تتكرر زيارته يشبه الطفل في سلوكه الهادئ البريئ بصحبة والده دائما صامت في معظم أحواله.
بعد خمسة عشر عاما من علاج الصرع يكتب طبيبه في ملفه وبعد هذا الموقف أنه قد لايكون مصابا بالصرع.
تفاجأت كثيرا فلا أدري من يخفي الآخر ..أهو يخفي مرضه أم مرضه يخفيه! ؟ أم شيء آخر مخفي عنا جميعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق