الجمعة، نوفمبر 15، 2013


نتشبث بالحياة ويزيد مع العمر حبنا للدنيا يكبر فينا حتى يذبل العمر في  حبها وتأكلنا الأيام وقوفا لم نقدم لأنفسنا شيئا
لكن الخائف يدلج والعارف يسير ولا يلتفت ... وطوبى لمن وصل.

لا زالت غير قادرة على نسيان ميثة بنت الثامنة عشرة  بجمال ذلك العمر وبعباءتها الملفتة ومكياجها الطاغي على ملامحها...حين نظرت لها بنظرة سطحية ربما فساءني منظر العباءة الشفافة ونكرت على أمها ذلك في نفسي  فقط ولم أبده لهم,, فالام منقبة رغم ما يبدو من صغر سنها وبدا عليها السمت الملتزم .
 وبدت لي ميثة مراهقة مدللة  بصحبة أمها لموعد عادي وربما روتيني..
لاحظت وبعد نزولها من الميزان أنها كانت تتحرك بصعوبة وكأن قدماها مقيدة أو بها ألم أو جرح او أجرت عملية مؤخرا ذلك أقصى ماتخيلته حين قاطعنا الممرض مستعجلا يريد اصطحابها لمقابلة الطبيب.

ذهبوا وجلست  ..
ففتحت ملفها لأدخل بيانتها ..... وكأني فتحت كتاب من قصة إنسان حكمت عليها أنا من العنوان وفاجأني المضمون
هذه الفتاة الشابة الحسناء ال"في آي بي"  تقف على ساقيين صناعيتن .. تحت تلك الملابس الفاخرة أقدام اصطناعية:(
ميثة لتوها عائدة من رحلة علاجية طويلة من ألمانيا  بعد فقدها ساقيها في حادث مروري أليم في يناير المنصرم كادت تفقد فيه حياتها بعد النزيف الحاد الذي أصاب ساقاها المبتورة بحديد السيارة نزفت كثيراااا ودخلت غيبوية مما جعل الاطباء "جراحيين وعظام وأعصاب"  يقررون عاجلا بان البتر فيه انقاذ لحياتها
فاجأني أيضا أن ميثة طفلة أنابيب اي جاءت بعد عناء  وأنها الوحيدة لأمها
وميثة أيضا يتيمة الأب منذ سنوات
لمت نفسي حين  نظرت لميثة بنظرة قاصرة  أقرب للسلبية.. فأنا لا أعلم  أن خلف تلك الأناقة إعاقة وخلف تلك الضجة الشكلية صمت كئيب و جرح عميق لاشك أنه لم يندمل بعد.
لا أعني  بكلامي  أن مصائب الناس تشفع لأخطائهم أبدا  لكننا نقرأ الناس في ثوان فنخرج بانطباع سريع نعنون به الشخص بجهل او قسوة  غافلين عن كثير يمكن أن يكون مخف عنا
عرفت الآن لما كانت ملامح ميثة جافة وأناقتها صاخبة,,
وعرفت لما كانت عيون أم ميثة تحرسها بحنان غامر وحرص شديد.
كتب الطبيب النفسي في ملف ميثة كلمة جميلة... بعد الحادث حيث توقع الاطباء ان تقع تحت تاثير صدمة نفسية قوية اذا افافقت ووجدت نفسها  دون ساقيين
فكان له نصيب من الوقوف على حالتها...  فكتب بالحرف لا توجد أي اعراض لاكتئاب او انهيار او انكار. قالت له عندما افقت و علمت بان امي حية مثلي ولم تمت في الحادث كانت سعادتي غامرة وحمدت الله كثيرا ولازلت احمده[